بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 4 ديسمبر 2014

أبو القاسم القشيري (376 هـ - 465 هـ)

أبو القاسم القشيري
(376 هـ - 465 هـ)




هو أبو القاسم عبد الكريم القشيري ، بن هوازن ، بن عبد الملك ، بن طلحة ، عالم دين ، وعارف صوفي ، قطب من أقطاب الصوفية ، وصاحب الرسالة القشيرية ، " لُقِبَ بإمام الصوفية " ، و لُقِبَ أيضاً بـ "زين الإسلام". من كبار علماء ومدرسي ، الفقه ، والأصول ،والكلام ، والتفسير ، والحديث ، والعرفان (التصوف النظري) ، كما يعتبر من أبرز المربين والمهذبين للسلوك الى الله تعالى ، وهو أديب وشاعر ..

مولده ونشأته :

ولد القشيري ،بقرية تدعى "إستو" من قرى "نيشابور" الكائنة بإقليم خرسان ،الواقعة في مقاطعة خراسان شمالي ،شرق إيران قرب العاصمة الإقليمية مشهد ، كان ذلك في ربيع الأول من سنة 346 هـجري قمري . توفي أبوه وهو طفل صغير وبقي في كنف أمه إلى أن تعلم الأدب، والعربية، ثم رحل بعد ذلك من "إستوا" إلى نيسابور (نيشابور) قاصدا تعلم ما يكفيه من طرق الحساب لحماية أهل قريته من ظلم عمال الخراج. فكانت هذه الرحلة تعبر في جوهرها عن أهم حلقات الآثار النفسية التي ترسبت في شخصية القشيري، والتي اتضحت فيما بعد في مواقفه أمام سلطة عصره .

رحلته العلمية :

و أثناء هذه الرحلة حضر حلقة الإمام الصوفي الشهير بأبي علي الدقاق (المتوفي سنة 406 هـجري قمري) ، وكان لسان عصره في التصوف ، وعلوم الشريعة ، والعقيدة ، فقبل القشيري حضور حلقته ، بشرط أن يحصل العلوم الدينية ، اصولها وفروعها ، ويتقنها ،وهذا ما يفسر دعوة القشيري في مشروعه الإصلاحي إلى الملازمة بين علوم الشريعة والحقيقة ، وقد قبل هذا الشرط وعكف على دراسة الفقه عند أئمته ، ولما انتهى منه حضر عند الإمام أبي بكر بن فورك (المتوفي سنة 406 هـجري قمري) ليتعلم الأصول ، فبرع في الفقه والأصول معا، وصار من أحسن تلاميذته ضبطا ، وسلوكا .

وبعد وفاة أبي بكر ، اختلف إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني (المتوفي 418 هـ)، وقعد يسمع جميع دروسه ، وبعد أيام ، قال له الأستاذ : هذا العلم لا يحصل بالسماع ، فأعاد عليه ما سمعه منه، فقال له : لست تحتاج إلى دروسي بل يكفيك أن تطالع مصنفاتي، وتنظر في طريقتي وإن أشكل عليك شيء طالعتني به : ففعل ذلك وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك .

ثم نظر في كتب القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني، وبذلك صار القشيري بارعا في الفقه، والأصول ،مما دفع بالجويني إمام الحرمين ، أن يصاحبه، ويحج معه رفقة أبي بكر البيهقي ، ولم يقتصر القشيري على الفقه والأصول ، بل كان متحققا في علم الكلام ،ومفسرا ، ونحويا ولغويا، وأديبا ، و مؤلفاً ،وشاعراً ..

و هكذا حقق الإمام القشيري ما طلبه منه أستاذه "الدقاق" في تحصيل علوم الشريعة والعقيدة ،كل ذلك وهو يحضر حلقات أستاذه "الدقاق" في العرفان (التصوف النظري) ، والمباحث النفسانية ،إلى أن رأى فيه قبسا من النبوغ، والعطاء فزوجه كريمته ومات أبو علي الدقاق ، وهو في غاية الاطمئنان على محاضرات العرفان (التصوف النظري) بين يدي تلميذه الذي أجمع أهل عصره على أنه سيد زمانه، وقدوة وقته، وبركة المسلمين في ذلك العصر ، وعندما نال القشيري هذه الشهادة أصبح أستاذ خراسان بدون منازع .

مؤلفاته :

صنف القشيري العديد من الكتب والرسائل ، غير أن مصادر التاريخ تذكر أن أغلب مصنفاته فقدت، ومن أهمها :

الرسالة القشيرية في التصوف.
لطائف الإشارات، تفسير للقرآن الكريم في ست مجلدات.
كتاب القلوب الصغير، والكبير.
شكاية أحكام السماع.
شكاية أهل السنة.
ناسخ الحديث ومنسوخه.
ديوان شعر.
القصيدة الصوفية.
الحقائق والرقائق، مخطوط بمكتبة جيستر بيتي (دبلن) أيرلندة رقم 3052.
فتوى محررة في ذي القعدة سنة 436 هجرية أوردها السبكي في طبقاته الجزء الثالث.
آداب الصوفية، مفقود.
كتاب الجواهر، مفقود
كتاب المناجاة، مفقود.
رسالة ترتيب السلوك، ظهرت مترجمة بالألمانية سنة 1962 م بقلم فرتزماير Fritz Meier بمجلة Oriens. وتوجد مخطوطة بالخزانة الملكية بالرباط.
بُلغة القاصد.
منثور الخطاب في مشهور الأبواب. مخطوط بالخزانة الملكية بالرباط.
المنشور في الكلام على أبواب التصوف. مخطوط بالخزانة الملكية بالرباط.
عيون الأجوبة في أصول الأسئلة. مفقود.
شرح أسماء الله الحسنى، أو التحبير في التذكير.

وفاته

توفي القشيري سنة 465 هـجري قمري .


الشيخ أبو العباس المرسي (رضي الله عنه)


الشيخ أبو العباس المرسي

(رضي الله عنه)

 

 

الشيخ أبو العباس المرسي (مرسي أبو العباس) ، عالم دين ، وعارفٌ صوفي ،من كبار منظري التصوف النظري  ، وواحد من شيوخ السلوك والمربين في التصوف العملي ، وهو من أبرز رجال  الطريقة الشاذلية .

 

نسبه ونشأته :

 

هو شهاب الدين أبو العباس ، أحمد بن حسن ، بن على الخزرجى الأنصارى المرسي ، ولّد بمدينة مرسية ، في الأندلس (اسبانيا) ، ومنها حصل على لقبه المرسي ، والذي أصبح اسماً متدوالاً في مصر ،  يتصل نسبه بالصحابي سعد بن عبادة ، ولد عام 616 هـجري قمري ، الموافق لـسنة  1219 ميلادي ، و نشأ في عائلة كريمة ، متدينة وملتزمة ، معروفة بحبها لآل البيت الكرام (رضي الله عنهم) ،ومشهورة بالورع والتقوى ،وتربى في بيئة صالحة ، وجو مفعم بالإيمان ، هذا ما أعده  لسلوك طريق أهل العرفان  والإلتزام بمبادئ التصوف .

دراسته وسلوكه :

 

حفظ القرآن العظيم ،وبعض المقدمات ،ثم  درس علوم اللغة العربية ، وتعلم أيضا العلوم العقلية ،فدرس المنطق وبعض المقدمات في الفلسفة ، وكان هذا مقدمة لدراسة العلوم الدينية ، فدرس اصول الدين  وفروعه ، و أخذ هذه العلوم ، العقيدة والشريعة ،على كبار علماء عصره ، كما أخذ في العرفان (التصوف النظري) على كبار شيوخ الحقيقة ،وأخذ العهد أو ما يعرف في بلاد المغرب العربي بـ (الميثاق) ، على يد شيخه أبي الحسن الشاذلي ، الذي قال له : « يا أبا العباس ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا، وأنا أنت » ، أقام أبو العباس في الأسكندرية ثلاث وأربعين سنة، ينشر المعارف الدينية ، ويهذب ويربي  النفوس، ويُضَربُ المَثلُ بورَعه وتقواه ، تربى على يديه عدد كبير من العلماء، أبرزهم ابن عطاء الله السكندري .

*التربية والتهذيب في السلوك الى الله ،هو ما يعرف بالتصوف العملي* 

وفاته :



انتقل إلى جوار ربه في 25 ذو القعدة سنة 686 هـجري قمري  ودفن في الإسكندرية في مقبرة باب البحر .

  

بن عطاء الله السكندري



بن عطاء الله السكندري
(658 هـ / 1260م - 709 هـ / 1309م).
 
 

بن عطاء الله السكندري ،فقيه مالكي ،وصوفي جنيدي ، شاذلي الطريقة، أشعري العقيدة ، كان أحد أركان الطريقة الشاذلية الصوفية، لُقِبَ بـ "قطب العارفين" و"ترجمان الواصلين" و"مرشد السالكين". كان رجلاً صالحاً ،وعالماً فاضلاً ، وعابداً متبتلاً ،وخطيباً مفوهاً ،يلقي الدروس ويعظ من على كرسيه ، بالجامع الشريف في الأزهر ، ويحضر ميعاده خلق كثير ، وكان لوعظه تأثير في القلوب ، وكان له معرفة تامة بكلام أهل الحقائق ، وأرباب السلوك ، وله ذوق ومعرفة بكلام الصوفية وآثار السلف ، وكان ينتفع الناس بإشاراته ، وله موقع في النفوس ، كان عالماً في أصول الدين وفروعه ،عارفاً بحقائق أهل السلوك ،كان قطباً من أقطاب الصوفية وله كلام في التصوف العملي والنظري .

اسمه ونشأته :

هو تاج الدين ، أبو الفضل أحمد ،بن محمد ،بن عبد الكريم ،بن عبد الرحمن ،بن عبد الله ،بن أحمد ،بن عيسى ،بن الحسين ،بن عطاء الله الجذامي نسباً ، وفد أجداده المنسوبون إلى قبيلة جذام ، إلى مصر بعد الفتح الإسلامي ،واستوطنوا الإسكندرية ،حيث ولد ابن عطاء الله حوالي سنة 658 هـجري الموافق 1260ميلادي ، ونشأ كجده لوالده الشيخ أبي محمد عبد الكريم بن عطاء الله ، فَقيهاً يَشتغل بالعلوم الدينية ، الشَرعية منها والعقدية ، حيث تلقي منذ صباه العلوم الدينية واللغوية ، والفلسفية .

سلوكه :
طريق التصوف :

كان الشيخ ابن عطاء الله السكندري ،في أول حاله منكراً على أهل التصوف ،حتى أنه كان يقول: "من قال أن هنالك علماً غير الذي بأيدينا فقد افترى على الله عز وجل". فما أن صحب شيخه أبو العباس المرسي ،واستمع إليه بالإسكندرية ،حتى أعجب به إعجاباً شديداً وأخذ عنه طريق الصوفية ،وأصبح من أوائل مريديه ،وصار يقول عن كلامه القديم : " كنت أضحك على نفسي في هذا الكلام " ، ثم تدرج بن عطاء السكندري في منازل العلم والمعرفة حتى تنبأ له الشيخ أبو العبَاس يوماً فقال له: "الزم، فوالله لئن لزمت لتكونن مفتياً في المذهبين" يقصد مذهب أهل الشريعة ، ومذهب أهل الحقيقة ، ثم قال: "والله لا يموت هذا الشاب حتى يكون داعياً إلى الله وموصلاً إلى الله ، والله ليكونن لك شأن عظيم والله ليكونن لك شأن عظيم ،والله ليكونن لك كذا وكذا" فكان كما أخبر.

تلاميذه :

أخذ عن ابن عطاء الله الكثير من التلامذة، منهم:

ابن المبلق السكندري.
تقي الدين السبكي ، شيخ الشافعية.

كتبه :

ترك ابن عطاء الكثير من المصنفات والكتب منها المفقود ومنها الموجود، لكن أبرز ما بقي له :

لطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس ،وشيخه أبي الحسن.
القصد المجرد في معرفة الإسم المفرد.
التنوير في إسقاط التدبير.
أصول مقدمات الوصول.
الطريق الجادة في نيل السعادة.
عنوان التوفيق في آداب الطريق، شرح بها قصيدة الشيخ أبو مدين (ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا).
تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس.
مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح في ذكر الله الكريم الفتاح.
الحكم العطائية على لسان أهل الطريقة، وهي أهم ما كتبه وقد حظيت بقبول وانتشاراً كبيراً ولا يزال بعضها يُدرس في بعض كُليات جامعة الأزهر، كما تَرجم المستشرق الانجليزى آرثر اربري الكثير منها إلى الإنجليزية، وترجم الأسباني ميجيل بلاسيوس فقرات كثيرة منها مع شرح الرندى عليها.

وفاته :

توفي الشيخ ابن عطاء الله السكندري ،كهلا بالمدرسة المنصورية ، في القاهرة ، سنة 709 هـجرية ، ودفن بمقبرة المقطم بسفح الجبل بزاويته التي كان يتعبد فيها ، ولا يزال قَبره مَوجوداً إلى الآن بجبانة سيدي على أبو الوفاء ،تحت جبل المُقطمِ ، من الجهةِ الْشرقية لجبَانة الإمام الليث ، وقد أقيم على قبره مسجد في عام 1973

قال العلماء عنه :

أحمد زروق : كان جامعاً لأنواع العلوم من تفسير وحديث وفقه ونحو وأصول وغير ذلك كان متكلماً على طريق أهل التصوف واعظا انتفع به خلق كثير ،وسلكوا طريقه.

ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة : صحب الشيخ أبا العباس المرسي، صاحب الشاذلي، وصنف مناقبه ومناقب شيخه، وكان المتكلم على لسان الصوفية في زمانه.

الذهبي : كانت له جلالة عظيمة، ووقع في النفوس، ومشاركة في الفضائل، وكان يتكلم - بالجامع الأزهر فوق كرسي - بكلام يروّح النفوس.

ابن الأهدل: الشيخ العارف بالله، شيخ الطريقين وإمام الفريقين، كان فقيهاً عالماً ينكر على الصوفية، ثم جذبته العناية فصحب شيخ الشيوخ المرسي ، وفُتح عليه على يديه وله عدة تصانيف، منها الحكم ، وكله مشتملة على أسرار ومعارف، وحكم ولطائف، نثراً ونظماً. ومن طالع كتبه عرف فضله.
 

الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

العلامة الشيخ محمد العربي التباني (رضي الله عنه)



العلامة الشيخ محمد العربي التباني 
(رضي الله عنه)



العلامة، الفقيه ،و المؤرخ، الأديب، المؤلف ، الشيخ محمد العربي بن التباني،  بن الحسين ، بن عبد الرحمن ، بن يحيى ، التباني ،السطايفي ،الجزائري ،المالكي ،الأشعري ،الجنيدي ، المدرس بالحرمين الشريفين المدني ،والمكي ،ومن أبرز شيوخ مدرسة الفلاح بمكة المكرمة .

ولادته :

هو العلامة الشيخ محمد العربي بن التباني ،بن الحسين ، بن عبدالرحمن ،بن يحيى ،بن مخلوف ،بن أبي القاسم ،بن علي بن عبد الواحد ، لُقب بالتباني  ،نسبة إلى مسقط رأسه ،ومكان تواجد قبيلته ،منطقة أولاد تبان ، الكائنة بولاية سطيف ،والى أصوله التي تعود إلى أولاد تبان ،وهم بطن من المرتفع من الأثبج الهلاليين ، ولد بمنطقة أولاد تبان ،التابعة الى دائرة صالح باي ،الموجودة بولاية سطيف في الجزائر ، سنة 1315هـجرية ، (حوالي 1897-1898 ملادية) ، وقيل بأنه ولد بمنطقة رأس الواد .

الدراسة والشيوخ :

تلقى تعليمه الأوّلي في الزاوية العلمية الكائنة بقريته حيث حفظ القرآن الكريم ،وعمره اثنا عشر عاماً، وحفظ معه بعض المتون كالأجرومية ،والعشماوية ،والجزرية ، وقد تلقى هذه العلوم وهو في كفالة والده ، ثم تلقي مبادئ العقائد ،والنحو ،والفقه ، على عدد كبير من المشايخ من أجلهم الشيخ عبدالله بن القاضي اليعلاوي رحمه الله تعالى ، وبعد ذلك رحل إلى تونس ،ومكث بها أشهراً ،تلقى أثناءها دروسا في جامع الزيتونة ، المعروف والمشهور بكبار العلماء ،من لغويين ،وفقهاء ،ومتكلمين ، ومناطقة ، واصوليين ،ومفسرين ،ومحدثين ، فدرس الفقه ، وعلوم اللغة العربية من النحو ،والصرف ،والبلاغة ..كما أخذ دروساً في علم التجويد ، أداء وقراءة ،عبر نظم الجزرية ،مع حفظه لبعض المتون الأخرى ،غير التي حفظها في الجزائر ، ثم رحل إلى المدينة المنورة ،مدينة النبي الحبيب سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ،قبيل الحرب العالمية ،فأدرك فيها مشايخ أجلاء لازم دروسهم، ومنهم الحافظ العلامة أحمد بن محمد خيرات الشنقيطي التندغي (رحمه الله) ، وقرأ عليه مختصر خليل ، والرسالة البيانية ،وسيرة بن هشام ،والمعلقات السبع ،وديوان النابغة ،وسنن أبي داود .
لازم أيضاً دروس العلامة حمدان الونيسي القسنطيني الجزائري ، (ت 1338 هـ /1920م) فقرأ عليه ،تفسير الجلالين ،و ألفية بن مالك بشرح ابن عقيل .
ومن مشايخه أيضاً : الشيخ عبد العزيز التونسي (ت 1336 / م) حيث قرأ عليه قسماً من موطأ الإمام مالك بشرح الزرقاني ، وقطعة من ألفية بن مالك بشرح الأشموني ، كما قرأ على قاضي قرية شنقيط ،المعلقات السبع ،ونظم أنساب العرب ، للحافظ البدوي الشنقيطي .
لينتقل بعد ذلك إلى المدينة المنورة ،حيث لازم فيها كبار العلماء و على رأسهم علماء مذهب إمام أهل المدينة ،الامام مالك ، ومنهم :

العلامة أحمد بن محمد خيرات الشنقيطي التندغي :
قرأ عليه شرح الشيخ الدردير على مختصر خليل بن اسحاق ، والرسالة البيانية ، وسيرة ابن هشام والمعلقات السبع وديوان النابغة وسنن أبي داود.
 
محمد محمود الشنقيطي .
 
ثم رحل إلى دمشق حيث اغتنم إقامته بها لزيارة المكتبة الظاهرية ولا نعرف إن كان درس بها على علمائها .
 
بعد ذلك قصد أم القرى مكة المكرمة ،التي دخلها في شهر رجب عام 1336 هـ. وفيها أخذ عن:

عبد الرحمن الدهام (ت 1337 / م) قرأ عليه شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري.
الشيخ مشتاق أحمد الهندي .

كما كان مشهورا بحب المطالعة، إذ تمكن من ختم قراءة الكثير من الكتب.

التدريس :

عين مدرسا بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة سنة 1338 / م. وبالموازاة مع وظيفته الرسمية كان يدرس بالحرم المكي الشريف ،بباب الزيادة ،ثم بحصوة باب العمرة "بين بابي الباسطية والزيادة"، بين المغرب والعشاء، خمس ليال في الأسبوع بداية.
ثم اختصر دروسه على ليلتي الجمعة والسبت في الحرم المكي حيث كان يدرس الجامع الصغير للحافظ السيوطي ،والسيرة ،  كما كان يدرس في منزله لكبار الطلبة يومياً.

كان يدرس الحديث ،والتفسير ،والأصول ،والبلاغة ،والتاريخ الإسلامي ، معتمدا على العديد من أمهات الكتب ،و الأصول، كموطإ الامام مالك، والصحيحين ،والجامع الصغير للسيوطي ، في الحديث، و تفاسير البيضاوي ،والنسفي وابن كثير في تفسير القرآن العظيم ، وجمع الجوامع ،وسيرة بن هشام ،وعقود الجمان .... الخ.
وللشيخ العربي التباني (رضي الله عنه) رأي في التأليف حيث جاء في حاشية كتابه (محادثة أهل الأدب بأخبار وأنساب جاهلية العرب)، قال : لا أميل إلى التأليف عملا بنظرية القائل ما ترك الأول للآخر شيئا..ً ثم قال: أستغفر الله من أن أقول هذا هضماً لحقوق العلماء الشارحين فإنهم عندي بالمكان الأعلى من التوقير والاحترام وما من شرح وحاشية إلا وفيه فوائد ، ولكن أقول هذه الكثرة لم تنتج شيئاً يقارب علم الأقدمين فضلاً عن مساواته.

تلاميذه :

تخرج على يديه تلاميذ كثيرون أصبحوا بعده قناديل تضيء ساحات الحرم المكي ، منهم:
علوي بن عباس المالكي
محمد نور سيف بن هلال
محمد أمين كتبي
محمد علوي المالكي
حسن مشاط


مؤلفاته :

من بين كتبه المطبوعة:

1 _ إتحاف ذوي النجابة بما في القرآن الكريم والسنة النبوية من فضائل الصحابة
2 _ تحذير العبقري من محاضرات الخضري
3_ اعتقاد أهل الإيمان بنزول المسيح بن مريم عليه وعلى نبينا السلام آخر الزمان
4_ خلاصة الكلام فيما هو المراد بالمسجد الحرام
5_ إسعاف المسلمين والمسلمات بجواز القراءة ووصول ثوابها إلى الأموات
6_ تنبيه الباحث السري إلى ما في رسائل وتعاليق الكوثري
7_ براءة الأشعريين من عقائد المخالفين
8_ محادثة أهل الأدب بأخبار وأنساب جاهلية العرب


كما له بعض الكتب المخطوطة:

1_ حلبة الميدان ونزهة الفتيان في تراجم الفتاك والجشعان
2_ براءة الأبرار ونصيحة الأخبار من خطل الأغمار
3_ مختصر تاريخ دولة بني عثمان
4_ إدراك الغاية من تعقب ابن كثير في البداية


وفاته :

توفي في صفر 1390 هـجري/أبريل 1970ميلادي بمكة المكرمة، وصلي عليه بالمسجد الحرام ودفن بمقابر المعلاه .




رسالة الشيخ التباني (رحمه الله) الى شيوخ عائلة حمادوش ،شيوخ زاوية قجال

الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه)



الشيخ عبد الرحمن الثعالبي 
(رضي الله عنه)

الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رحمه الله) ، من كبار علماء دين في الجزائر ، مفكر ، فقيه ،ومتكلم ، ومن العلماء الذين خاضوا تجربة التفسير أو ألقوا بأنفسهم في بحره الذي لاساحل له ورجعوا بدُرره ولآلئه ،ملآ بروحه وبعاداته ما يسر لهم الطفو فوق النقائض والأنقاض ، والعلو على المشارب والإتجاهات ،وعلى الأحزاب والتيارات ،وتقريب الحاضر من الماضي ،تثبيتا للمبادئ ،وترسيخا للمثل ، واستدعاء الماضي الى الحاضر ،في صورة استعاب وتمثل ،وفي شكل استدراك وتمدد إن على مستوى الشكل ،وان على مستوى المعنى تحقيقاً لسعة القرآن ورحابته ،وانجازاً لسنارهاته واستشرافاته ،أو استطلاعاته ونبوءاته .

هو من منطقة القبائل ، المعروفة بالزوايا العلمية العريقة ، والمشهورة بدورها التعليمي ،والتربوي ،وتوعوي ،البارزة بنشاطها الإجتماعي من خدمة المستضفين وايواء عابري السيبل ،وتربية اليتامى وتعليمهم ، والعامرة بالعلماء من فقهاء ومحدثدين ومتكلمين ومفسرين ومناطقة ولغويين ،يعتبره الجزائريون رمزا لهم ، شيد على مرقده الشريف مسجدا ،واقيمت به زاوية كبيرة ،لنشر المعارف الدينية ،ولايسعني إلا أن اشيد بمنطقة القبائل وبالجنس الأمازيغي الذي أبان خلالاً كريمة وخصلاً حميدة ،إن هؤلاء هم أكثر من خدمة اللغة العربية والدين الإسلامي الحنيف ،وثبتوا أوتاده في هذه الأرض الطيبة ،أكثر من ذلك استقبلوا آل البيت (رضي الله عنهم) ورحبوا بهم وحموهم حيث صاهروهم ارادة لإختلاط دمهم بدم هذا النسل الشريف وسيدوهم وملكوهم أمرهم ، ما أكرم هؤلاء الخلق وما أشرفهم ،وما أشد تعلقهم بالفضيلة ،إن منتهم على أهل هذه البلاد العظيمة ،وإن عطاءهم للإسلام ليسع ما بين السماء والأرض ،لله درهم ،اللهم أقدرنا على توفية هؤلاء الناس حقهم .

مولده :

ولد الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه) سنة 786 هجري / 1384 ميلادي ، بوادي يسر بمدينة يسر ،الواقعة حاليا بولاية بومرداس ،و القريبة تبعد بخمس كيلومترات عن مدينة برج منايل شمال شرق الجزائر العاصمة ، حيث تبعد عنها بمسافة 62,3 كلم ، وهذه المدينة هي موطن آبائه وأجداده ،الثعالبة ، يقال عنهم ،أبناء ثعلب بن علي ، من عرب المعقل ،الجعافرة .

نسبه :

هو أبو زيد ،عبد الرحمان، بن محمد ،بن مخلوف ،بن طلحة ،بن عامر ، بن نوفل ،بن عامر ،بن موصور ،بن محمد، بن سباع ،بن مكي ،بن ثعلبة ،بن موسى ،بن سعيد ،بن مفضل ،بن عبد البر ،بن فيسي ،بن هلال ،بن عامر ،بن حسان ،بن محمد ،بن جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) المعروف بجعفر الطيار

النشأة والتكوين :

نشأ الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رحمه الله) في بيئة علم ودين وصلاح، استهل تعلمه على يدي علماء منطقته ،ثم انتقل و تكون في الجزائر العاصمة ،ثم قصد المغرب الأٌقصى ،بصحبة والده محمد بن مخلوف (رحمه الله) فتعلم أصول الدين وفروعه ،واهتم بعلم الفقه ، فأخذ عن العجيسي التلمساني ، المعروف بالحفيد ،وزار مدينة بجاية فمكث بها سنة ثم عاد إلى مسقط راسه بعد وفاة والده (رحمه الله) بعدها رجع الى مدينة (بجاية) فنزل بها سنة 802 هجري / 1399 ميلادي ، بقي بها حوالي السبع سنوات، و تعلم على أبو الحسن علي بن عثمان المانجلاتي ، وأبو الربيع سلمان بن الحسن ، وأبو العباس أحمد الناقوسي ، وأبو القاسم المشدالي ، وأبو زيد الوغليسي ، وغيرهم ،ثم هاجر إلى تونس سنة 809 هجري / 1406 ميلادي ، فتعلم على الأبي ، والبرزلي تلميذ بن عرفة ،ثم ارتحل إلى مصر ،سنة 819 هجري / 1414 ميلادي ،فلقي بها البلالي ، وأبا عبد الله الباسطي ، وولي الدين العراقي وغيرهم، بعدها انتقل إلى تركيا ، ومنها قصد الحجاز ،فأدى فريضة الحج ، واختلف إلى مجالس العلم هناك، ثم قفل راجعا إلى مصر ،واصل دراسته بها ، ومنها رجع إلى تونس مرة اخرى ، فوافى بها بن مرزوق الحفيد التلمساني، فلازمه وأخذ عنه الكثير ،ثم عاد بعد هذه الرحلة الطويلة في طلب العلم والمعرفة إلى الجزائر، فاهتم بالتأليف و صار يلقي دروسه بأكبر مساجد الجزائر آنذاك ، تخرج على يديه كثير من العلماء، من بينهم :

1- الشيخ محمد بن يوسف السنوسي
2- الشيخ أحمد الزروق
3- الشيخ محمد المغيلي التلمساني
4- الشيخ أحمد بن عبد الله الزواوي
5- الشيخ محمد بن مرزوق الكفيف
وغيرهم.

تولى القضاء زمنا قصيرا، ثم تركه لينقطع إلى الزهد والعبادة، كما قام بالخطابة على منبر الجامع الأعظم ،بالجزائر العاصمة ،ويروى أن من بقايا آثاره المتبرك بها إلى اليوم بهذا المسجد (مقبض عصى خطيب صلاة الجمعة)

آثاره العلمية :

كان معروفا عن الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه) ، أنه عالم زمانه في القطر الجزائري ، في علوم التفسير، والعقيدة، والفقه، والتصوف النظري ، وغيرها من العلوم الدينية الأخرى ،و هو أحد أعلام القرن التاسع الهجري ،ذلك لأن الإنتاج الفكري للثعالبي انتشر في مختلف مكتبات العالم العربي والإسلامي ،عكف الشيخ عبد الرحمن الثعالبي ،على التدريس والتأليف، وكانت معظم مصنفاته في علوم الشريعة، وقد ترك في هذا الحقل ما يزيد على تسعين مؤلفا في التفسير والحديث والفقه واللغة والتاريخ والتراجم

وغيرها، نذكر من بينها :

-1- تفسيره الجواهر الحسان في تفسير القرآن في أربعة أجزاء، طبع أول مرة بالجزائر سنة 1909 ميلادي ،ثم طبع طبعة ثانية في السنوات الأخيرة بتحقيق الدكتور عمار طالبي .
-2- روضة الأنوار ونزهة الأخيار في الفقه .
-3- جامع الهمم في أخبار الأمم .
-4- جامع الأمهات في أحكام العبادات .
-5- الأربعين حديثا في الوعظ .
-6- جامع الأمهات للمسائل المهمات مخطوط بالمكتبة الوطنية بالجزائر وهو في الفقه .
-7- رياض الصالحين وتحفة المتقين في التصوف ،مخطوط بالمكتبة الوطنية الجزائر تحت رقم 833 .
-8- وله مخطوطات في التوحيد ،واللغة ،والفقه ،في تنبكتو بمالي (النيجر القديمة) الشاوي التاريخي .
-9- الدر الفائق، والأنوار المضيئة بين الحقيقة والشريعة ،و يعنى بالتربية الروحية، وحقيقة الذكر .

وكان الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رحمه الله) ، مشارك في الصناعتين: يقرض الشعر ،ويكتب النثر، ومن شعره في الوعظ والزهد قوله :
و إن امرؤ أدنى بسبعين حجة * جديــر بأن يسعى معدا جهازه
و أن لا تهز القلب منه حوادث * و لــكن يرى للباقيات اهتزازه
و أن يسمع المصغى إليه بصدره * أزيزا كصوت القدر يبدي ابتزازه
فماذا بعد هذا العمر ينتظر الذي * يعمره في الدهــر إلا اغتراره ؟
وليس بدار الذل يرضى أخو حجى * ولكن يرى أن بالعزيـز اعتزازه

تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن :

لقد تأثر العلامة الثعالبي (رحمه الله) في تفسيره بمصادر مشرقية، كما تأثر بمصادر مغربية وأندلسية، فجاء تفسيره مزيجا بين الفكر المشرقي والفكر المغربي، حيث ضمنه المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية، وزاده فوائد من غيره من كتب الأئمة، حسبما رآه أو رواه عن الأثبات، وذلك قريب من مائة تأليف، وما منها تأليف إلا وهو منسوب لإمام مشهور بالدين، ومعدود في المحققين.

و الشيخ الثعالبي (رحمه الله) من بين المفسرين الجزائريين البارزين .

من أقواله :

يقول الثعالبي (رحمه الله) في كتابه الجامع الذي ذيل به شرحه لمختصر ابن الحاجب الفرعي ما نصه ،وينبغي لمن ألف أن يعرف بزمانه وبمن لقيه من أشياخه ،فيكون من يقف على تأليفه على بصيرة ،من أمره ويسلم من الجهل به ،وقد قل الاعتناء بهذا المعنى ،في هذا الزمان ،وكم من فاضل انتشرت عنه فضائل ،جُهل حاله بعد موته ،لعدم الاعتناء بهذا الشأن .
وقال عنه الشيخ أبو زرعة العراقي: الشيخ الصالح الأفضل الكامل المحرر المحصل الرحال أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي» ووصفه العلامة عيسى بن سلامة البسكري: «بالشيخ الصالح الزاهد العالم العارف أبو زيد عبد الرحمن الثعالبي»، وقال عنه تلميذه الشيخ أحمد بن زروق المتصوف المشهور الذي له تآليف عديدة في التصوف والفقه منها ،شرحه لرسالة أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي ،وشروحه العديدة للحكم العطائية وكتب اخرى : «كانت الديانة أغلب عليه من علمه»

وفاته :

توفي يوم الجمعة 23 رمضان 875 هجري ، وفي منتصف شهر مارس سنة 1471 ميلادي ،ودفن بالجزائر العاصمة ،وشيد مسجد جامع على مرقده الشريف ، واقيمت زاوية علمية كبيرة بجانب ضريحه لنشر المعارف الدينية.
وقد رثاه كثير من العلماء من معاصريه، كان من بينهم تلميذه أحمد بن عبد الله
الزواوي (رضي الله عنه) :
لقد جزعت نفسي بفقد أحبتي * وحق لها من مثل ذلك تجزع
ألمّ بنا ما لا نطيق دفاعـــه * وليس لأمر قدر الله مرجع



العلامة الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه) ( 920 - 954 هـجري / 1512 - 1545 ميلادي )


العلامة الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه)
( 920 - 954 هـجري / 1512 - 1545 ميلادي )


 
 


من هو العلامة الأخضري :

الشيخ عبد الرحمن الأخضري ،بن محمد الصغير ، بن محمد ، بن عامر ،الأخضري البنطيوسي ،البسكري ، الجزائري المالكي ، الأشعري ، الجنيدي ،كان عالماً عاملاً ، وتقياً ورعاً ،وعابداً متبتلاً ، متين التدين ، زاهداً عن الدنيا ،تام العقل مهاب الهيئة ، حسن العشرة ،قنوعٌ باليسير لا يخاف في الله لومة لائم وقد أعرض عن الفتيا حين اختلاف الكلمة ،قضى معظم حياته في خدمة العلم وأهله ،لقب بفارس المعقول والمنقول ،وهو من أبرز علماء الجزائر في القرن العاشر الهجري ، لقد أطبقت شهرته الآفاق وغدت تأليفه تدرس في شتى حواضر العلم والمعرفة ،من بغداد ،إلى الأزهر بالقاهرة ، إلى الزيتونة بتونس ،الى جامع القرويين بفاس ،الى المدينة المنورة .... ،آخر محطاته كانت منطقة قجال ،تفرغ للتدريس بجامعها العتيق ، الكائن في منطقة ڤجال التابعة لولاية سطيف الجزائرية ،والتي تقع جنوب شرق مدينة سطيف ،كانت له خلوة يتعبد بها في مقبرة ڤجال قرب ضريح ،الشريف مسعود الڤجالي الحسني ،توفي في منطقة ڤجال ونقل جثمانه الطاهر الى منطقة بنطيوس الموجودة بولاية بسكرة والتي تقع جنوب شرق الجزائر ، ودفن بها ،له مؤلفات عديدة والكثير منها مخطوط لم يطبع بعد

المولد والنشأة :

- ولد الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه) سنة (920 هـ/ 1512 م) ببلدة بنطيوس التي تبعد عن بسكرة بحوالي ( 30 كم) في عائلة مؤمنة ،ملتزمة ،عرفت بالعلم والورع والتقوى ،والده العالم المدرس محمد الصغير وأخوه الأكبر أحمد الأخضري ،كان عالما ومدرسا أيضا ،أخذ عن كليهما الفقه ،وعلوم اللغة العربية ،وعلم المواريث ،بعد أن حفظ القرآن العظيم ،وأتقن رسمه وتلاوته ،انتقل الى منطقة قسنطينة فواصل دراسته هناك ،بعدها هاجر الى تونس فدرس بڤفصة ثم جامع الزيتونة بتونس العاصمة .

التعليم :

بدأ التعلم بمسقط رأسه بنطيوس فتعلم القراءة والكتابة ،وحفظ القرآن العظيم ،وأتقن رسمه وتلاوته ،وأخذ عن والده الشيخ محمد الصغير (رضي الله عنه) وعن أخيه الشيخ أحمد الأخضري (رحمه الله) علم الفقه ،وعلوم اللغة العربية ،وعلم المواريث ، انتقل الى منطقة قسنطينة فواصل دراسته هناك ، بعدها هاجر الى تونس فدرس بڤفصة ،ثم جامع الزيتونة بتونس العاصمة ،تعلم على أبي يحيى بن عقبة ، وعلى أبي عبد الله القلجاني ،ثم عن ولده عمر القلجاني وكذلك عن قاسم العقباني ...أكمل دارسته في علوم اللغة العربية كما درس علم المنطق ودرس الفقه واصوله والكلام والحديث والتفسير ودرس علم الحساب ،تفوق في دراسته وحصل على اجازات في التدريس والفتيا .

التدريس :

رجع الى وطنه الجزائر وشرع في التدريس ،فزكاة العلم نشره ، آخر محطاته كانت ڤجال ،حيث حط الرحال بها ومكث بجامعها العتيق ،الذي يعرف اليوم بزاوية ڤجال أو زاوية بن حمادوش ، درس هناك الى أن وافته المنية .

الشيخ عبد الرحمان الأخضري ،و زاوية قجال :

إن تردد الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رحمه الله) على زاوية قجال ،لم يكن ، لولا هذه العلاقة الروحية والعلمية التي كانت تربطه بالمكان وأهله ،مما يؤكد على المكانة الكبيرة التي كانت تحظى بها هذه القرية الصغيرة ،بحجمها الكبير ، بقداستها الروحية والعلمية ،عند العلماء ،وسائر من تعلم فيها ،أو زارها ، أو عرف أهلها ، وفي الأمثال العامية التي كثيرا ما تتردد على ألسنة أهل قجال ما يؤكد ذلك ، يقول المثل : " قجال ما يخلى والعلم ما يخطيه " ويعكس بعض جهلة زماننا المثل فيقولون : "قجال ما يعمر والذل ما يخطيه "

عبادته :

نُقِل عن شيوخ زاوية قجال وعلمائها ، ومنهم الشيخ القريشي مدني (رحمه الله) ،كذلك نقل عن الشيخ الزبير بن حمادوش (حفظه الله) وهو من كبار شيوخ الطريقة الرحمانية في منطقة سطيف : أن الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه) ، كان عالما عاملا ،وتقيا ورعا وعابدا صوفيا ، يقضي نهاره في التدريس ،فإذا ما أقبل الليل أوى إلى " خلوته " التي تقع بالقرب من مقام سيدي مسعود الإدريسي الحسني القجالي (رضي الله عنه) ، يتعبد ،ويتحنث ،ويصلي أغلب الليل ،وقبل الفجر يعود إلى المسجد ،ليستأنف نشاطه اليومي في التدريس أو التأليف ، وقد تناقل طلبة جامع قجال ،خلفهم عن سالفهم أبياتا شعرية قيل أنها وجدت مكتوبة في كفن الشيخ عبد الرحمن الأخضري (قدس الله سره) ، وهي كما يلي منقولة عن الأستاذ عبد المجيد حمادوش كان قد سجلها له الشيخ القريشي مدني بخطه في كناشة خاصة :

والرواية لأحد شيوخ زاوية قجال

و يا رب فأكرمه بعفوك ليلــــــــة ... ويروح بها ضيفا لقبره منزلا
فأنت الذي أوجبت للضيف حرمــــة ... وأكدت عليه بالمواساة عاجلا
فهذا بضيف الخلق ،كيف بضيفــــك ... فأكرمه نزلا عند وقف الرواحل
وحين انقضاض الناس للحي راجعا ... وبسط راح الكف للّحد عاجــلا
بجاه النبي الهاشمي محمـــــد ... عليه صلاة الله مني موصــلا

مختارات من شعر العلامة الأخضري (رضي الله عنه) :
من شعره الجيِّد و هي رائعة في الحقيقة ،في مدح الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله سلم) في 169بيتا ، جاء فيها :

الحمد لله طولَ الدّهر و العُمرِ---- ثم الصّلاة على المختار من مُضَرِ
يا ثاقب النور ما أسناك من قمرٍ---- هل اّطلعت على ارضٍ بها وطري
الفيتَ صبَّ الهوى يوما بعلّته----جهلا بحُبٍّ لما في الجهل من ضررِ
يا سايح الطرف ما للطّرف سابحةٌ----تغدو البطاحَ و لا تشكو من الضّجر
قَلا الصَّبابةُ لي و العين قد فصلت---- --و ما وجدت لهذا العين من أثر
اني ابيت من الاشواق في كمد----و ما سئمت من التخميم و السهر
فليس مثلي من السُّهارِ من أحد-----كيف السآمة للعشاق من سهر
قد هب ريح الصَّبَا و القلب منه حدى----و عاد حال الصِّبَا في المهد من صغر
قف يا حمامُ على رُبعٍ شغفت به---- واحمل سلامي إلى الحبيب و اختبر
جاش الحمامُ خلال الدار محتفلا---- و خالف القلب في أشواقه النكر
لما رأيت حمام الدار سَطَحَهُ---- شوق التلاقي إلى الاوطان و الوكر
تضرم القلب من اشواقه كمدا---- و عدت مثل تريف العقل من سكر
غنّى حمامُ الهوى بالشوق مظطربا---- فأضرم القلبَ نارُ الوجد بالسحَرِِ
فالقلب مظطرم و الروح نائحة---- و البث يؤلمني فلحزن كالابر
و النفس مني لذيذُ العيش فارقها---- و اسلمت نومَها العينانُ في السهر
اشتد حالي فما دائي بمنكشِفٍ---- و لا سمعت عن المحبوب من خبر
و العين مني قد انهملّت مدامعُها---- جوفَ الدُّجى لِتريقَ الدمع كالمطر
يا عاذلَ الصَّب انَّ الحبّ قاهره----كيف الحبيب سرى في السَّمع و البَصَرِ
انّ الصَّبابة لا تخفى غوائلها----و امرها من قديم الدّهر و العَصْر
و كم محِّبٍ قديم الشوق جرَعَهُ----كأس الحِمامَ فما للعُمرِ ذا بَطَر
و القلب مني بنار الشوقِ مشتعلٌ---- ما زالَ قلبٌ شديد الحُزنِ منكسرِ
واهتزّتِ الرّوحُُ بالأشواق واظطربتْ---- واثَّرَالحُبُّ فيها أيّمَا أَثَرِ
ان قلت ايّ حبيبٍ قد شغفتَ به----أقول هذا حبيب الله في البشر
محمدٌ خيرُ منْ يمشي على قدمٍ---- خيرُ الوَرَى سيِّدُ الأملاكِ و النُّدُرِ
هذا محمدٌ المخصوصُ بالشّرَفِ---- من جاء بالرّوحِ و التوسيعِ و البِشْرِ
هذا المقرّبُ هذا المستغاثُ به----هذا شفيع الورى في الموقِفِ النّكِِرِ
هذا رسول كريمٌٌ ما له كفؤٌ---------
أزكى الخليقة ذو جيدٍ و مبتسمٍٍ---- أصفى من الذّهب الإبريز و الدّرر
يزهو بوجه كريم البِسْطِ مبتهجٌ----بالعفو ملتحفُ كالبدر منسفـرِ
متوّج برداء العز مكتَنفٌ------- بالحسن متّصف ٌأسنى من القمر
هو النّبيّ الذي جلّت محاسنه------و ما لبهجته مثل من الصـور
أكْرِمْ بآيةٍ ما أبدت أناملُه------من خيرِ ماءٍ لذيذِ الطَّعمِ مُنهَمِر
و الإنشقاقُ لهذا البدرِ منزِلةً-------على الكواكب ما أسناه من قمرِ
تأسَّف الجِذعُ إنكارًا لفُرقَتِه-------و حنَّ مثلَ حنِينِ الطَّرْفِ و الجزر
و آية الغار لا تخفى عجائبها-------لمَّا اقتفاهُ رِجَالُ الكُفْرِ في نَفرِ
و العنكبوتُ ببابِ الغارِ قد نسَجَت-------و في الحمامةِ آيةٌ لمعتَبِرِ
لما رأى خيفة الصديق قال له ------- الله معنا فلا تخشى من الضرر
و كم تمنى أبو بكر يرافقه -------- قد نال و الله ما يرجوه من وطر
يا فوزه قد حوى في الخلد منزلة ------- مع الرسول بدار البسط و السرر

مؤلفاته :

ألف الشيخ العلامة (الأخضري) في شتى المعارف العقلية منها والنقلية ،فقد ترك أثراً في علوم الشريعة ،والحقيقة ،والرياضيات ، والفلك ، وعلم المنطق ، وعلوم اللغة العربية .... ومن أشهر مؤلفاته: - السلم في المنطق ،الذي ترجمه المستشرق الفرنسي لوسيان ، سنة 1921 ميلادي وقد عده من أعظم الكتب العالمية

ومن مؤلفاته :

• مختصر الأخضري في العبادات، على مذهب الإمام مالك
• نظم الجواهر المكنون في ثلاثة فنون :في علم البلاغة والبيان و البديع
• حلية اللب المصون على الجواهر المكنون.
• منظومة الدرة البيضاء في الفرائض والحساب.
• أرجوزة. الدرة البيضاء في أحسن الفنون والأشياء.
• نظم السلم المرونق في المنطق .
• شرح السلم المرونق المذكور.
• نظم السراج في علم الفلك
• نظم منثور ابن آجروم الدرر البهية على نظم الاجرومية
• نظم أزهر المطالب في هيئة الافلاك و الكواكب في علم الاسطرلاب
• قصيدة مدح النبي خالد بن سنان
• شعرالقدسية و اللامية في التصوف

• قصيدة نصيحة الشبان جاء فيها:
أُوصيكُم معاشرَ الشُبان *** عيكم بطاعة الرحمان
اياكم ان تُهمِلوا أوقاتَكم .... فتَندمُوا يومًا على ما فاتَكُم
انما غانمة الإنسان شبابه.... و الخسر في التوان
و ما أحسن الطاعة للشُبان ....فاسعو بذكرِ الله ياخوان
و عمِّروا أوقاتَكم بالطاعة.... و الذِّكر كلَّ لحظةٍ و ساعة
ومن تَفتُه لحظةٌ في عمرهِ.... تكونُ عليه حسرةً في قبرِهِ
من يكن فرط في شبابه ... حتى مضى عجبت من تبابه
ويا سعادة امرئ قضاه .... في عمل يرضى به مولاه
أحب ربي طاعة الشباب .... يا فوزهم بجنة الرضوان
فتب إلى مولاك يا إنسان .... من قبل أن يفوتك الأوان
ومن يقل إني صغير أصبر .... ثم أطيع الله حين أكبر
فإن ذاك غره إبليس .... وقلبه مغلق مطموس
لا خير فيمن لم يتب صغيرا .... ولم يكن بعيبه بصيرا
لما رأى خيفة الصديق قال له .... الله معنا فلا تخشى من الضرر

وفاته ومدفنه :

توفي الشيخ عبد الرحمن الأخضري بقرية قجال وقد اختُلِف في تاريخ وفاته فمن قائل أنه توفي في(954هـجري/1545 ميلادي) ومن قائل أنه توفي في (983هـجري/1575ميلادي) فعلى الرأي الأول يكون قد عاش ثلاثا وثلاثين سنة وهو المرجح عند أغلب المراجع التي ترجمت للشيخ الأخضري (رحمه الله) وما زال أهل قجال إلى اليوم يتناقلون كرامة من كرمات الشيخ عبد الرحمن الأخضري ظهرت عند تشييع جثمانه من قبل طلبته الذين حملوا جثمان شيخهم على أكتافهم وتوجهوا به إلى موطنه ومسقط رأسه بالقرب من بسكرة لدفنه هناك تنفيذا لوصيته , فعند وصولهم إلى الحامة بوطالب أصابهم إعياء شديد فطلب بعضهم بدفنه حيث وصل بهم المسير والرجوع إلى قجال فرفض الطلبة الذين كانوا يتميزون بتعلقهم الشديد بشيخهم وإصرارهم على تنفيذ وصيته فقرروا مواصلة الرحلة إلى نهايتها ،فما الذي حدث بعد ذلك ؟ تقول الرواية : أما الفريق الأول من الطلبة فقفلوا راجعين إلى قجال ، وأما الفريق الثاني فحملوا الجثمان الطاهر وساروا به فطوى الله تبارك وتعالى ،لهم الأرض طيا ، حيث تمكنوا من تنفيذ وصية شيخهم ودفنه في بنطيوس والرجوع إلى قجال ؛فكان وصولهم قبل وصول الفريق الأول .



الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله)


الشيخ محمد الطاهر بن عاشور 
(رحمه الله)


الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ،هو : عالم وفقيه ،ومفسر تونسي ،من كبار علماء المغرب الإسلامي (المغرب العربي) ، ينتمي الى أسرة علمية عريقة ،منحدرة من الأندلس ، ترجع أصولها إلى أشراف المغرب الأدارسة تعلم بجامع الزيتونة ثم أصبح من كبار أساتذته ،تتلمذ علىه كبار علماء المغرب العربي ،برز في عدد من العلوم ونبغ فيها ، كعلوم الشريعة والحقيقة ، واللغة والأدب ، وكان متقنا للُّغة الفرنسية ، وعضواَ مراسَلاً في مجمع اللغة العربية في دمشق والقاهرة ، تولى مناصب علمية وإدارية بارزة كالتدريس ، والقضاء ، والإفتاء ، وتم تعيينه شيخاً لجامع الزيتونة .
ألف عشرات الكتب في التفسير ، والحديث ، والأصول ، واللغة ، وغيرها من العلوم ، منها تفسيره المسمَّى : " التحرير والتنوير" ، و" مقاصد الشريعة " ، و" كشف المغطا من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ " ، و" أصول الإنشاء والخطابة " ، و" النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح " ، وغيرها من الكتب النافعة .

ولد في تونس سنة (1296) هـجري قمري ، الموافق (1879) ميلادي ، وهو من أسرة متدينة محافظة ،أنجبت الكثير من العلماء ،والشيخ محمد طاهر بن الصادق بن عاشور ،مالكي المذهب ،أشعري العقيدة ، جنيدي السلوك .

كان على موعد مع لقاء الشيخ محمد عبده (رحمه الله) في تونس عندما زارها هذا الأخير في رجب سنة 1321 هـجري الموافق ل 1903 ميلادي . سمي حاكما بالمجلس المختلط سنة 1909 ميلادي ثم قاضيا مالكيا في سنة 1911 ميلادي ، ارتقى إلى رتبة الإفتاء وفي سنة 1932 ميلادي ،اختير لمنصب شيخ الإسلام المالكي، ولما حذفت النظارة العلمية ،أصبح أول شيخ لجامعة الزيتونة ،وأبعد عنها لأسباب سياسية ،ليعود إلى منصبه سنة 1945 ميلادي ،وظل به إلى ما بعد استقلال البلاد التونسية ،سنة 1956. ميلادي ،من أشهر أقرانه الذين رافقهم في جامعة الزيتونة: شيخ الأزهر الراحل محمد الخضر حسين، وابنه محمد الفاضل بن عاشور ،كان بدوره من كبار علماء الدين البارزين في تونس والمغرب العربي .

آثاره (مؤلفاته) :

* التحرير والتنوير، تفسير القرآن
* كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ
* النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح
* قصة المولد النبوي الشريف
* مقاصد الشريعة الإسلامية
* تحقيقات وأنظار في القرآن والسنة
* التوضيح والتصحيح (أصول الفقه)
* حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح (جزآن)
* أصول الإنشاء والخطابة
* موجز علم البلاغة
* أليس الصبح بقريب
* أصول النظام الاجتماعي في الإسلام
* الوقف وأثره في الإسلام
* نقد لكتاب الإسلام ونظام الحكم
* شرح لمقدمة المرزوقي لشرح ديوان الحماسة
* شرح قصيدة الأعشى
* شرح ديوان النابغة
* ديوان بشار، مقدمة وتحقيق
* الواضح في مشكلات شعر المتنبي لأبي القاسم الأصفهاني (تحقيق)
* قلائد العقيان في محاسن الأعيان للفتح بن خاقان القيسي (تحقيق)
* سرقات المتنبي ومشكل معانيه لإبن بسام النحوي (تحقيق)

وفاته :

توفي في تونس يوم 13رجب 1394 هـجري / 12 أغسطس 1973 ميلادي، عن عمر يناهز الـ (98) عاماً .

أقول العلماء فيه :

قال عنه صديقه الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر رحمه الله : " وللأستاذ فصاحةُ منطقٍ ، وبراعةُ بيانٍ ، ويضيف إلى غزارة العلم وقوّة النظر : صفاءَ الذوق ، وسعة الاطلاع في آداب اللغة ... كنت أرى فيه لساناً لهجته الصدق ، ... وهمَّةً طمَّاحة إلى المعالي ، وجِداً في العمل لا يَمَسه كلل ، ومحافظة على واجبات الدين وآدابه... وبالإجمال ليس إعجابي بوضاءة أخلاقه وسماحة آدابه بأقل من إعجابي بعبقريته في العلم" انتهى .

ووصفه محمد البشير ،قائلاً : " عَلَم من الأعلام الذين يعدّهم التاريخ الحاضر من ذخائره ، فهو إمام متبحِّر في العلوم الإسلامية ، مستقلّ في الاستدلال ، واسع الثراء من كنوزها ، فسيح الذرع بتحمّلها ، نافذ البصيرة في معقولها ، وافر الاطلاع على المنقول منها ، أقْرَأ ، وأفاد ، وتخرَّجت عليه طبقات ممتازة في التحقيق العلمي" انتهى .